فصل: (باب التاء والراء وما يثلثهما)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***


‏(‏باب الباء والنون وما يثلثهما في الثلاثي‏)‏

‏(‏بني‏)‏

الباء والنون والياء* أصلٌ واحد، وهو بناءُ الشيء بِضَمِّ بعضِه إلى بعضٍ‏.‏ تقول بَنَيْتُ البناءَ أبنيه‏.‏ وتسمَّى مكةُ البَنِيّة‏.‏ ويقال قوس بَانِيةٌ، وهي التي بَنَتْ على وَترِها، وذلك أن ْيكاد وتَرُها ينقطع للُصُوقه بها‏.‏ وطيّئ تقول مكانَ بانيةٍ‏:‏ بَانَاةٌ؛ وهو قول امرئ القيس‏:‏

* غَيْرِ بَانَاةٍ عَلَى وَتَرِهْ *

ويقال بُنْيَةٌ وَبُنىً، وبِنْيَة وبِنىً بكسر الباء كما يقالَ‏:‏ جِزية وجِزىً، ومِشيَةٌ ومِشىً‏.‏

‏(‏بنو‏)‏

الباء والنون والواو كلمةٌ واحدة، وهو الشيء يتولَّد عن الشيء، كابنِ الإنسان وغيره‏.‏ وأصل بنائه بنو، والنّسْبة إليه بَنَويٌّ، وكذلك النسبة إلى بِنْت وإلى بُنَيَّات الطّريق‏.‏ فأصل الكلمة ما ذكرناه، ثم تفرِّع العرب‏.‏ فتسمّي أشياءَ كثيرةً بابن كذا، وأشياءُ غيرها بُنّيتْ كذا، فيقولون ابن ذُكاء الصُّبح، وذُكاءُ الشّمس، لأنّها تذكُو كما تذكو النّار‏.‏ قال‏:‏

* وابنُ ذُكاءَ كامِنٌ في كَفْرِ *

وابن تُرْنا‏:‏ اللّئيم‏.‏ قال أبو ذؤيب‏:‏

فإنَّ ابن تُرْنا إذا جئتكم *** يُدَافعُ عَنِّي قَوْلاً بَريحا

شديداً من بَرَّحَ به‏.‏ وابن ثَأْداءَ‏:‏ ابن الأَمَة‏.‏ وابن الماء‏:‏ طائر‏.‏ قال‏:‏

وردتُ اعتِسَافاً والثُّريَّا كأنّها *** على قِمّةِ الرّأس ابنُ ماءٍ مُحَلِّقُ

وابن جَلاَ‏:‏ الصُّبح، قال‏:‏

أنا ابنُ جَلاَ وطلاََّّعُ الثَّّنَايا *** متى أَضَعِ العِِمامةََ يَعْرِِفُُوني

ويقال للذي تَنْزِلُ به الملمّة فيكشفها‏:‏ ابن مُلمّة، وللحَذِر‏:‏ ابن أحْذَار‏.‏ ومنه قول النابغة‏:‏

بلِّغ زياداً وَحَيْنُ المَرْءِ يدركُه *** فلو تَكَيَّسْتَ أو كنتَ ابنَ أَحْذار

ويقال لِلَّجَّاج‏:‏ ابن أَقْوال، وللذي يتعسَّف المفاوز‏:‏ ابنُ الفَلاةِ، وللفقير الذي لا مأوى له غيرُ الأرض وتُرَابِها‏:‏ ابن غَبْراء‏.‏ قال طَرَفَة‏:‏

رأيت بني غَبْرَاءَ لا يُنكِرونَنِي *** ولا أهلُ هَذَاكَ الطِّرَافِ الممدَّدِ

وللمسافر‏:‏ ابن السّبيل‏.‏ وابنُ ليل‏:‏ صاحبُ السُّرى‏.‏ وابنُ عَمَلٍ‏:‏ صاحب العملِ الجادُّ فيه‏.‏ قال الراجز‏:‏

* يا سعد يابنَ عَمَلٍ يا سَعْدُ *

ويقولون‏:‏ هو ابن مدينةٍ إذا كان عالماً بها، وابن بجدَتِها أي عالِمٌ بها

وبجدَة الأمر‏:‏ دِخْلتُه‏.‏ ويقولون للكريمِ الآباءِ والأمَّهاتِ هو ابنُ إحداها‏.‏ ويقال للبَرِئ من الأَمر هو ابن خَلاَوةَ، وللخبز ابن حَبَّةَ، وللطريق ابن نعامة‏.‏ وذلك أنّهم يسمّون الرِّجْل نَعامة‏.‏ قال‏:‏

* وابنُ النَّعامةِ يوم ذلكَ مَرْ كَبي *

وفي المثل‏:‏ ‏"‏ابنُكَ ابنُ بُوحِكَ‏"‏ أي ابنُ نَفْسِك الذي وَلدْتَه‏.‏ ويقال لليّلة التي يطلُع فيها القمر‏:‏ فَحْمَةُ ابنِ جَمِير‏.‏ وقال‏:‏

نهارُهُمُ ليْلٌ بَهيمٌ وليلُهمْ *** وإن كان بَدْراً فحمةُ ابنِ جمِيرِ

يصِفُ قوماً لُصوصاً‏.‏ وابن طَابٍ‏:‏ عِذْقٌ بالمدينة‏.‏ وسائر ما تركنا ذكره من هذا الباب فهو مفرَّقٌ في الكتاب، فتركنا كراهة التطويل‏.‏

ومما شذّ عن هذا الأصل المِبناة النِّطْع‏.‏ قال الشاعر‏:‏

على ظَهْرِ مَبْنَاةٍ جَديدٍ سُيورُها *** يَطَُوف بها وَسْطَ اللَّطيمةِ بائِعُ

‏(‏بنج‏)‏

الباء والنون والجيم كلمة واحدةٌ ليست عندي أصلاً، وما أدري كيف هي في قياس اللغة، لكنّها قد ذُكِرَتْ‏.‏ قالوا‏:‏ البِنْجُ الأصْل، يقال رجَع إلى بِنْجِه‏.‏

‏(‏بند‏)‏

الباء والنون والدال أصلٌ فارسيُّ لا وجْهَ لذِكْره‏.‏

‏(‏بنس‏)‏

الباء والنون والسين كلمةٌ واحدة، يقال بنَّسَ عن الشيءِ تبنيسا، إذا تأخَّر عنه‏.‏

‏(‏بنق‏)‏

الباء والنون والقاف كلمةٌ واحدة، وأراها من الحواشي غير واسطة‏.‏ وهي البَنيقة، وهو جُِرُِبّان القَميص‏.‏ ويقال‏:‏ البَنِيقة كلُّ رُقْعةٍ في الثّوب كاللَّبِنَةِ ونحوها‏.‏ على أنّها قد جاءَتْ في الشِّعر‏.‏ قال‏:‏

يضمّ إليَّ الليلُ أطفالَ حُبِّها *** كما ضَمَّ أزْرارَ القَميصِ البنائقُ

‏(‏بنك‏)‏

الباء والنون والكاف* كلمة واحدة، وهو قولهم تَبَنَّكَ بالمكان أقام به، وهي شِبْه التي قَبْلَها‏.‏

‏(‏باب الباء والهاء وما بعدهما في الثلاثي‏)‏

‏(‏بهو‏)‏

الباء والهاء والواو أصلٌ واحد، وهو البيتُ وما أشبَهَهُ‏.‏ فالبَهْو البيتُ المقدَّم أمامَ البيوت‏.‏ والبَهْو كِنَاس الثَّور‏.‏ ويقال البَهْو مَقِيل الولد بين الورِكَين من الحَامِلِ‏.‏ ويقال لجَوْف الإنسان وغيره البَهْو‏.‏

‏(‏بهي‏)‏

الباء والهاء والياء أصلٌ واحد، وهو خُلُوّ الشيءِ وتعطُّله‏.‏ يقال بيتٌ باهٍ إذا كان خالياً لا شيء فيه‏.‏ ويقولون‏:‏ ‏"‏المِعْزَى تُبْهِي ولا تُبْنِي‏"‏ وذلك أنّه لا يُتَّخَذ من شُعورها بيوتٌ، وهي تَصْعَدُ الخِيَمَ فتمزِّقُها‏.‏ وفي بعض الحديث‏:‏ ‏"‏أَبْهُوا الخَيْل‏"‏ أي عطِّلوها‏.‏وربما قالوا بَهِيَ البَيْتُ بَهَاءً، إذا تَخَرَّقَ‏.‏

‏(‏بهأ‏)‏

الباء والهاء والهمزة أصلٌ واحد، وهو الأُنْس‏.‏ تقول العرب‏:‏ بَهأْتُ بالرَّجُلِ إذا أنِسْتَ به‏.‏ قال الأصمعيُّ في كتاب الإبل‏:‏ ناقةٌ بَهَاءٌ ممدود، إذا كانت قد أَنِسَتْ بالحالب‏.‏ قال‏:‏ وهو من بهأتُ إذا أنست به‏.‏ والبَهاء الحُسْن والجمال؛ وهو من الباب، لأنّ الناظر إليه يأْنَس‏.‏

‏(‏بهت‏)‏

الباء والهاء والتاء أصلٌ واحدٌ، وهو كالدَّهَش والحَيْرة‏.‏ يقال بُهِتَ الرجل يُبْهَتُ بَهْتاً‏.‏ والبَهْتَةُ الحيرة‏.‏ فأمّا البُهْتان فالكذب‏.‏ يقول العرب‏:‏ يا لَلبَهيتة، أي يا لَلكذِب‏.‏

‏(‏بهث‏)‏

الباء والهاء والثاء ليس بأصل، وقد سُمِّي الرجل بُهثَة‏.‏

‏(‏بهج‏)‏

الباء والهاء والجيم أصلٌ واحد، وهو السرور والنَّضْرة، يقال نباتٌ بهيجٌ، أي ناضِرٌ حَسَن‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنْبَتْنَا فيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ‏}‏ ‏[‏ق 7‏]‏‏.‏ والابتهاج السُّرورُ من ذلك أيضاً‏.‏

‏(‏بهر‏)‏

الباء والهاء والراء أصلان‏:‏ أحدهما الغَلَبة والعُلوّ، والآخر وَسَط الشيء‏.‏

فأمّا الأوّل ‏[‏فقال‏]‏ أهلُ اللغة‏:‏ البَهْر الغَلَبة‏.‏ يقال ضوءٌ باهر‏.‏ ومن ذلك قولهم في الشتم‏:‏ بَهْراً، أي غَلَبَةً‏.‏ قال‏:‏

وَجَدّاً لقَومِي إذْ يَبيعُون مُهْجتي *** بجاريةٍ بَهْراً لَهُمْ بَعْدَها بَهْرَا

يدعُو عليهم‏.‏ وقال ابنُ أبي ربيعة‏:‏

ثم قالوا تُحِبُّها قلت بَهْراً *** عَدَدَ الرَّمْلِ والحصَى والتُّرابِ

فقال قومٌ‏:‏ معناها بهراً لكم‏.‏ وقال آخرون‏:‏ معناها حُبّاً قد غَلَبَ وبَهَر‏.‏ وقال آخرون‏:‏ معناه قلت ذلك مُعْلِناً غير كاتم له‏.‏ قال‏:‏ ومنه ابتُهر فلان بفلانة أي شُهِر بها‏.‏ ويقال ابتُهر بالشيء شُهِرَ به وغَلَبَ عليه‏.‏ ومنه القَمر الباهر، أي الظاهر‏.‏ والعربُ تقول‏:‏ ‏"‏الأزواج ثلاثة‏:‏ زوجُ بَهْرٍ، وزوجُ دَهْرٍ، وزوجُ مَهر‏"‏‏.‏

البَهْر يقال للذي يَبْهَر العُيونَ بحُسْنه، ومنه من يُجعَل عُدَّة للدّهر ونَوائبه، ومنهم مَن ليس فيه إلا أنْ يُؤخَذَ منه المَهْر‏.‏

وإلى هذا الباب يرجع قولُهم‏:‏ ابتُهِرَ فلانٌ بفلانة‏.‏ وقد يكون ما يُدَّعى من ذلك كَذِباً‏.‏ قال تميم‏:‏

‏.‏ حين تختلف العَوالي *** وما بي إنْ مَدَحْتُهُمُ ابتِهارُ

أي لا يغلِب في ذلك دعوةُ كَذِبٍ‏.‏ وقال الكميت‏:‏

قَبِيحٌ بمثْلِيَ نَعْتُ الفَتا *** ةِ إمّا ابتهاراً وإمّا ابتيارا

و‏[‏أما‏]‏ الأصل الآخَر فقولهم لوسَط الوادي ووَسَطِ كلِّ شيءٍ بُهْرَةٌ‏.‏ ويقال ابهَارَّ الليلُ، إذا انَتصَفَ‏.‏ ومنه الحديث‏:‏ ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سارَ ليلةً حَتّى ابهَارَّ الليل‏"‏‏.‏ والأباهر في ريش الطائر‏.‏ ومن بعض ذلك اشتقاقُ اسم بَهْرَاء‏.‏

فأمّا البُهار الذي يُوزَن به فليس أصله عندي بَدَوِيّاً‏.‏

‏(‏بهز‏)‏

الباء والهاء والزاء أصلٌ واحد، وهو الغَلَبَة والدَّفْعُ بعُنْفٍ‏.‏

‏(‏بهس‏)‏

الباء والهاء والسين كلمةٌ واحدٌةٌ، يقال إنّ الأسَدَ يسمَّى بَيْهساً‏.‏

‏(‏بهش‏)‏

الباء والهاء والشين‏.‏ شيئان‏:‏ أحدهما شِبْه الفَرَح، والآخر جِنْسٌ من الشَّجَر‏.‏

فالأول قولهم بَهَش إليه إذا رآه فسُرَّ به وضَحِك إليه‏.‏ ومنه حديث* الحسن‏:‏ ‏"‏أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يُدْلِعُ لـه لسانَه فَيَبْهَش الصبيّ له‏"‏‏.‏ ومنه قوله‏:‏

* وإذا رأيتَ الباهِشِين إلى العُلَى *

والثاني البَهْش، وهو المُقْل ما كانَ رطباً، فإذا يَبِس فهو خَشْل‏.‏ وقال عُمَرُ، وبَلَغَه أنّ أبا موسى قَرأ حَرفاً بلغةِ قومِه، فقال‏:‏ ‏"‏إنّ أبا موسى لم يكُنْ مِنْ أَهْل البَهْش‏"‏‏.‏ يقول‏:‏ إنه ليس من أهل الحجاز، والمقْلُ ينبُتُ، يقول‏:‏ فالقرآنُ نازِلٌ بلُغة الحجازِ لا اليَمَن‏.‏

‏(‏بهظ‏)‏

الباء والهاء والظاء كلمةٌ واحدةٌ، وهو قولهم بَهَظه الأمرُ، إذا ثَقُل عليه‏.‏ وذا أَمْرٌ باهظ‏.‏

‏(‏بهق‏)‏

الباء والهاء والقاف كلمةٌ واحدة، وهو سوادٌ يعترِي الجلدَ، أو لونٌ يخالِفُ لونَه‏.‏ قال رؤبة‏:‏

* كأنَّه في الجِلْدِ تَوْلِيعُ البَهَقْ *

‏(‏بهل‏)‏

الباء والهاء واللام‏.‏ أصول ثلاثة‏:‏ أحدها التّخلية، والثاني جِنْسٌ من الدُّعَاء، والثالث قِلَّةٌ في الماء‏.‏

فأمّا الأوّل فيقولون‏:‏ بَهَلْتُه إذا خَلَّيْتَه وإرادَتَه‏.‏ ومن ذلك النّاقة الباهِلُ، وهي التي لا سِمَة عليها‏.‏ ويقال ‏[‏التي‏]‏ لاصِرَارَ عليها‏.‏ ومنه حديث المرأة لِبعلها‏:‏ ‏"‏أبثَثْتُكَ مكتومي، وأطعمتُك مأْدومي، وأَتَيْتُك باهلاً غَيْرَ ذاتِ صِرَارٍ‏"‏، وقد أراد تطليقها‏.‏

وأمّا الآخَر فالابتهال والتضرُّع في الدُّعاء‏.‏ والمباهلةُ يرجع إلى هذا، فإنَّ المُتَبَاهِلَين يدعُو كلُّ واحدٍ منهما على صاحِبِه‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبِينَ‏}‏ ‏[‏آل عمران 61‏]‏‏.‏

والثالث البَهْل وهو الماء القَلِيل‏.‏

‏(‏بهم‏)‏

الباء والهاء والميم‏:‏ أن يبقى الشّيءُ لا يُعْرَفُ المأْتَى إليه‏.‏ يقال هذا أمرٌ مُبْهَم‏.‏ ومنه البُهْمةُ‏:‏ الصخرة التي لا خَرْق فيها، وبها شُبِّه الرّجُل الشُّجَاعُ الذي لا يُقدَرُ عليه من أيِّ ناحيةٍ طُلِب‏.‏ وقال قوم‏:‏ البُهْمةُ جماعةُ الفرسان‏.‏ ومنه البَهيمُ‏:‏ اللَّونُ الذي لا يخَالِطُه غيرُه، سواداً كانَ أو غيرَه‏.‏ وأبْهَمْتُ البابَ‏:‏ أغلقْتُه‏.‏

ومما شَذَّ عن هذا الباب‏:‏ الإبهام من الأصابع‏.‏ والبَهْم صِغارُ الغَنم‏.‏ والبُهْمَى نبْتٌ، وقد أبْهَمَتِ الأرضُ كثُرَتْ بُهْمَاهَا‏.‏ قال‏:‏

لها مُوفِدٌ وَفاهُ وَاصٍ كأنّه *** زَرَابيُّ قَيْلٍ قَدْ تُحُومِيَ مُبْهمُ

‏(‏بهن‏)‏

الباء والهاء والنون كلمةٌ واحدة، وفيها أيضاً ردّة يقال البَهْنانة المرأة الضَّحّاكة، ويقال الطّيِّبة الرِّيح‏.‏ وقوله‏:‏

ألاَ قالَتْ بَهَانِ ولم تأبَّقْ *** بَلِيتَ ولا يَليقُ بك النَّعيمُ

فإنّه أراد الاسمَ الذي ذكرناه، فأخرجه على فَعَالِ‏.‏

‏(‏باب الباء والواو وما معهما في الثلاثي‏)‏

‏(‏بوأ‏)‏

الباء والواو والهمزة أصلان‏:‏ أحدُهما الرُّجوع إلى الشيءِ، والآخر تساوِي الشّيئين‏.‏

فالأوّل الباءَة والمباءَة، وهي مَنزلة القوم، حيثُ يتبوّؤُون في قُبُلِ وادٍ ‏[‏أ‏]‏و سَنَدِ جبل‏.‏ ويقال قد تبوَّؤوا، وبوّأهم اللهُ تعالى مَنْزِلَ صِدْق‏.‏ قال طرفة‏:‏

طيّبُو البَاءةِ سهلٌ ولَهُمْ *** سُبُلٌ إنْ شِئْتَ في وَحْشٍ وَعِرْ

وقال ابن هَرْمَة‏:‏

وبُوِّئَتْ في صَمِيم مَعْشَرِها *** فتَمَّ في قومِها مُبَوَّؤُها

والمَبَاءة أيضاً‏:‏ منْزِل الإبل حيثُ تُناخُ في الموارد‏.‏ يقال أبَأْنَا الإبِلَ نُبِيئُهَا إباءةً -ممدودة- إذا أنختَ بعضها إلى بعض‏.‏ قال‏:‏

خليطان بينهما مِئْرَةٌ *** يُبِيئانِ في مَعْطِنٍ ضَيِّقِ

وقال‏:‏

* لهم منْزلٌ رحبُ المباءةِ آهِل *

قال الأصمعيّ‏:‏ يقال قد أباءَها الرَّاعِي إلى مَبَائِها فتبوَّأَتْه، وبوَّأَها إيَّاهُ تَبْوِيئاً‏.‏ أبو عُبيد‏:‏ يقال فلانٌ حسن البِيئَةِ على فِعْلة، من قولك تبوَّأْتُ منْزِلاً‏.‏ وبات فلانٌ ببيئة سَوء‏.‏ قال‏:‏

ظَلِلْتُ بذي الأرْطَى فَويْقَ مُثَقَّبٍ *** ببيئَةِ سوءٍ هالكاً أو كهَالِكِ

ويقال هو ببيئة سَوْءٍ بمعناه‏.‏ *قال أبو مهديّ‏:‏ يقال باءَتْ على القومِ بائِيَتُهم إذا راحَتْ عليهم إبِلُهم‏.‏ ومن هذا الباب قولهم أَبِئْ عليه حَقَّه، مثل أرِحْ عليه حَقّه‏.‏ وقد أباءَه عليه إذا ردَّه عليه‏.‏ ومن هذا الباب قولُهم باءَ فلان بذَنْبِه، كأنّه عاد إلى مَبَاءته محتملاً لذنْبه‏.‏ وقد بُؤْت بالذَّنْبِ، وباءَت اليهودُ بغَضَب الله تعالى‏.‏

والأصل الآخَر قولُ العرب‏:‏ إنّ فلاناً لَبَوَاءٌ بفلانٍ، أي إنْ قُتِل به كان كُفْواً‏.‏ ويقال أَبَأْتُ بفلانٍ قاتِلَه، أي قتَلْتُه‏.‏ واستَبَأْتُهُمْ قاتِلَ أخِي، أي طلبْتُ إليهم أنْ يُقِيدُوه‏.‏ واستبَأْتُ به مثلُ استقَدْت‏.‏ قال‏:‏

فإنْ تقتُلوا مِنّا الولِيدَ فإنّنا *** أبَأْنَا به قَتْلَى تُذِلُّ المَعَاطِسا

وقال زُهير‏:‏

فلم أر معشراً أَسَرُوا هَدِيّاً *** ولم أرَ جارَ بيتٍ يُسْتَباءُ

وتقول‏:‏ باءَ فلانٌ بفُلانٍ، إذا قُتِل به‏.‏ قال‏:‏

ألاَ تَنْتَهِي عَنّا ملُوكٌ وتَتَّقِي *** مَحارِمَنا لا يَبْوُءِ الدَّمُ بالدَّمِ

أي مِنْ قَبْل أَنْ يَبُوءَ الدِّماء؛ إذا استوَتْ في القَتْل فقد باءتْ‏.‏

ومن هذا الباب قولُ العرب‏:‏ كلَّمْناهُمْ فأجابُونا عن بَوَاءٍ واحدٍ‏:‏ ‏[‏أجابوا‏]‏ كلُّهُمْ جواباً واحدا‏.‏ وهم في هذا الأمْرِ بَوَاءٌ أي سواءٌ ونُظَراءُ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏أنّه أمَرَهُمْ أَنْ يَتَبَاءَوْا‏"‏، أي يتباءَوْن في القِصاص‏.‏ ومنه قول مُهلهلٍ لبُجَير بن الحارث‏:‏ ‏"‏بُؤْ بِشِسْعِ كُلَيْبٍ‏"‏‏.‏ وأنشد‏:‏

فقلت لـه بُؤْ بامْرِئٍ لَسْتَ مِثلَه *** وإنْ كُنْت قُنْعاناً لمن يَطْلُبُ الدَّمَا

‏(‏بوب‏)‏

الباء والواو والباء أصلٌ واحد، وهو قولك تَبَوَّبْتُ بَوَّاباً، أي اتَّخَذْتَ بَوَّاباً والباب أصلُ ألفهِ واوٌ، فانقلبت ألفاً‏.‏ فأمَّا البَوْبَاةُ فمكانٌ، وهو أوّلُ ما يَبدُو من قَرْنٍ إلى الطَّائف‏.‏ قال المتلمّس‏:‏

لن تسلكي سْبُلَ البَوْباةِ مُنجِدةً *** ما عِشْت عَمْرُو وَما عُمِّرْتَ قابوسُ

‏(‏بوث‏)‏

الباء والواو والثاء أصلٌ ‏[‏ليس‏]‏ بالقويّ، لكنّهم يقولون باث عن الأمر بَوْثاً، إذا بَحَثَ عنه‏.‏

‏(‏بوج‏)‏

الباء والواو والجيم أصلٌ حسن، وهو من اللّمَعان‏.‏ يقول العرب‏:‏ تبَوَّج البَرْقُ تَبَوُّجاً، إذا لَمَع‏.‏

‏(‏بوح‏)‏

الباء والواو والحاء أصلٌ واحد، وهو سَعَة الشيء وبروزُه وظهورُهُ، فالبُوحُ جمع باحَةٍ، وهي عَرْصَة الدار‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏نظِّفوا أفنِيَتَكمْ ولا تَدَعُوها كبَاحَةِ اليَهود‏"‏‏.‏ ويقولون في أمثالهم‏:‏ ‏"‏ابنُكَ ابنُ بُوحِكَ‏"‏ أي الذي ولَدْتَه في باحةِ دارِك‏.‏

ومن هذا الباب إباحةُ الشيء، وذلك أنّه ليس بمحظُورٍ عليه، فأمرُهُ واسعٌ غيرُ مُضَيَّق‏.‏ و‏[‏من‏]‏ القياسِ استباحُوه، أي انتَهَبُوه‏.‏ وقال‏:‏

حَتّى استَباحُوا آلَ عوفٍ عَنْوَةً *** بالمَشْرَفِيِّ وبالوشيجِ الذُّبَّل

وزعم ابن الأعرابيِّ أنّ البَهْدليّ قال له‏:‏ إنّ البَاحَة جماعةُ النّخل‏.‏ وأنشد‏:‏

أعطَى فأعطانِي يَداً ودَارَا *** وبَاحةً خَوَّلهَا عَقَارا

واليدُ جماعةُ قومِهِ ونُصَّارِهِ‏.‏

‏(‏بوخ‏)‏

الباء والواو والخاء كلمةٌ فصيحة، وهو السُّكون‏.‏ يقال باخَت النار بَوْخاً سَكنَتْ، وكذلك الحَرُّ‏.‏ ويقال باخَ، إذا أعيا؛ وذلك أنّ حركاتِهِ تَبُوخ وتَفْتُر‏.‏

‏(‏بور‏)‏

الباء والواو والراء أصلان‏:‏ أحدهما هَلاك الشّيء وما يشبِهُه من تعطُّلِهِ وخُلُوِّه‏.‏ والآخَر ابتلاءُ الشّيء وامتحانُه‏.‏

فأمّا الأوّل فقال الخليل‏:‏ البَوَار الهلاك، تقول‏:‏ بارُوا، وهم بُورٌ، أي ضالُّونَ هَلْكَى‏.‏ وأبارَهُم فُلان، وقد يقال للواحد والجميع والنِّساء والذّكور بُورٌ‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً‏}‏ ‏[‏الفتح 12‏]‏‏.‏ قال الكسائيّ‏:‏ ومنه الحديث‏:‏ ‏"‏أنّهُ كان يتعوَّذُ من بَوَار الأَيِّم‏"‏، وذلك أن تَكْسُدَ فلا تجِدَ زَوْجاً‏.‏

قال يعقوب‏:‏ البُورُ‏:‏ الرّجُل الفاسد الذي لا خَيْرَ فيه‏.‏ قال عبد الله بن الزِّبَعْرِي‏:‏

يا رسولَ المليكِ إنَّ لِسَاني *** راتقٌ ما فَتَقْتُ إذْ أنا بُورُ

قال* ‏[‏أبو‏]‏ زيد‏:‏ يقال إنّه لفي حُور وبُور، أي ضَيْعة‏.‏ والبائر الكاسِد، وقد بارَتِ البِياعاتُ أي كَسَدَتْ‏.‏ ومنه ‏{‏دَارَ البَوَارِ‏}‏ ‏[‏إبراهيم 28‏]‏، وأرضٌ بَوَارٌ ليس فيها زَرع‏.‏

قال أبو زياد‏:‏ البَُور من الأرض الَمَوَْتان، التي لا تصلح أن تُستَخْرَج‏.‏ وهي أرَضُونَ أَبْوار‏.‏ ومنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأُكَيْدِرَ‏:‏ ‏"‏إنّ لنا البَُورَ والمعامِيَ‏"‏‏.‏

قال اليزيديّ‏:‏ البور الأرضُ التي تُجَمُّ سنةً لِتُزْرَع من قَابِل، وكذلك البَوَار‏.‏ قال أبو عبيدٍ‏:‏ عن الأحمر نزلَتْ بَوَارِ على النّاس، أي بلاءٌ‏.‏ وأنشد‏:‏

قُتِلَتْ فكانَ تَظالُماً وَتَباغِياً *** إنَّ التَّظالُم في الصَّديقِ بَوَارُ

والأصل الثاني التّجربة والاختبار‏.‏ تقول بُرْتُ فلاناً وبُرْتُ ما عندَه، أي جَرَّبتُهُ‏.‏ وبُرْتُ الناقةَ فأنا أَبُورها، إذا أدنَيْتَها مِن الفَحْلِ لِتُنْظَرَ أحاملٌ هي أم حائل‏.‏ وكذلك الفحل مِبْوَرٌ، إذا كان عارفاً بالحالين‏.‏ قال‏:‏

بِطَعْنٍ كآذانِ الفِراءِ فُضُولُه *** وطَعْنٍ كإيزاغِ المَخَاضِ تَبُورُها

ويقال بَارَ النّاقَةَ بالفَحْلِ‏.‏ فأمّا قولُه‏:‏

مُذكَّرَةُ الثُّنْيَا مُسَانَدَةُ القَرَى *** تُبَارُ إليها المحْصَنَاتُ النَّجائِبُ

يقول‏:‏ يُشتَرَى المحصناتُ النَّجائب على صِفَتها، من قولك بُرْتُ الناقة‏.‏

‏(‏بوش‏)‏

الباء والواو والشين أصلٌ واحد، وهو التجمُّع من أصنافٍ مختلِفين‏.‏ يقال‏:‏ بَوْشٌ بائشٌ، وليس هو عندنا من صميم كلام العرب‏.‏

‏(‏بوص‏)‏

الباء والواو والصاد أصلان‏:‏ أحدهما شيءٌ من الآراب، والآخر من السَّبْق‏.‏

فالأوَّل البَُوص، وهي عجيزة المرأة‏.‏ قال‏:‏

عَريضَةِ بَُوصٍ إذا أدبَرَتْ *** هَضِيمِ الحَشَا شَخْتَةِ المُحْتَضَنْ

والبُوصُ اللَّوْن أيضاً‏.‏

فأمّا الأصل الآخر فالبَوْص الفَوْت والسَّبْق، يقال باصَني، ومنه قولهم‏:‏ خِمْس بائِصٌ، أي جادٌّ مستَعْجِلٌ‏.‏

‏(‏بوع‏)‏

الباء والواو والعين أصل واحدٌ، وهو امتداد الشيء‏.‏ فالبَوْعُ من قولك بُعْتُ الحبل بَوْعاً إذا مدَدْتَ باعَك به‏.‏ قال الخليل‏:‏ البَوْع والباع لغتان، ولكنّهُمْ يسمّون البَوْع في الخِلْقة‏.‏ فأمّا بَسْط الباعِ في الكَرَم ونحوه فلا يقولون إلاّ كريم البَاع‏.‏ قال‏:‏

* له في المجدِ سابِقةٌ وبَاع *

والباع أيضاً مصدر بَاعَ يَبُوع، وهو بَسْط الباعِ‏.‏ والإبلُ تَبُوع في سَيرها‏.‏ قال النابغة‏:‏

* ببوع القَدْرِ إن قلِقَ الوَضين *

والرَّجُل يَبُوع بماله، إذا بَسَطَ به باعَه‏.‏ قال‏:‏

لقد خِفْتُ أنْ ألقَى المَنَايا ولم أَنَلْ *** من المال ما أَسْمُو به وأَبُوعُ

وأنشد ابنُ الأعرابيّ‏:‏

ومُسْتَامَة تُستامُ وهي رخيصةٌ *** تبُاعُ بِراحاتِ الأيادِي وتُمْسَحُ

يصف فلاةً تسومُ فيها الإبلُ‏.‏ رخيصةٌ‏:‏ لا تَمْتَنِع‏.‏ تُباع‏:‏ تمُدّ الإبلُ بها أبواعها‏.‏ وتُمسَح‏:‏ تُقْطَع‏.‏

قال أبو عبيد‏:‏ بُعتُ الحِبْلَ أبوعُه بَوْعاً، إذا مدَدْتَ إحدى يديك حتى يصيرَ باعاً‏.‏ اللِّحيانيّ‏:‏ إنه لَطَويلُ الباعِ والبَُوع‏.‏ وقد باعَ في مِشْيته يَبُوع بَوْعاً وتَبوَّع تبوُّعاً، وانْباعَ، إذا طَوَّلَ خُطاه‏.‏ قال‏:‏

يَجْمَعُ حِلْماً وأناةً مَعاً *** ثُمَّتَ يَنْبَاعُ انبِيَاعَ الشُّجاعْ

وتقول العرب في أمثالها‏:‏ ‏"‏مُخْرَنْبِقٌ لِيَنْباعَ‏"‏، المخْرَنْبِق المطْرِق السّاكت‏.‏ وقوله‏:‏ لينباع، أي لِيَثِبَ‏.‏ يُضرَب مَثَلاً للرجل يُطرِقُ لداهيةٍ يريدها‏.‏

قال أبو حاتم‏:‏ بَوْع الظَّبيِ سَعْيه، دون النَّفْزِ، والنَّفزُ بلوغُه أشَدَّ الإحْضار‏.‏

اللِّحيانيّ‏:‏ يقال والله لا يَبُوعُونَ بَوعَه أبداً، أي لا يبلُغُون ما بَلَغَ‏.‏ قال أبو زيد‏:‏ جَمَلٌ بُوَاعٌ، أي جَسِيمٌ‏.‏ ويقال انباع الزّيت إذا سال‏.‏ ‏[‏قال‏]‏‏:‏

ومُطَّرِِدٌ لَدْنُ الكُعُوبِِ كأنما *** تَغَشَّاهُ مُنْبَاعٌ من الزَّيتِِ سَائِِلُ

ويقال فَرَسٌ بَيِّعٌ أي بعيدُ الخُطوة؛ وهو من البَوْع‏.‏ قال العبّاس بن مِرداس‏:‏

على مَتْنِ جَرْدَاءِ السّرَاةِ نَبيلةٍ *** كعَالِيَةِ المُرَّانِ بَيِّعَة القَدْرِ

‏(‏بوغ‏)‏

الباء والواو والغين أصلٌ واحد، وهو ثَوَرَان الشّيء‏.‏ يقال‏:‏ تبوَّغ إذا ثار، مثل تبيَّغ‏.‏ والبَوْغاء‏:‏ التراب يثور عنه غُبَارُه‏.‏

‏(‏بوق‏)‏

الباء والواو والقاف ليس بأصل معوَّلٍ عليه، ولا فيه عندي كلمةٌ صحيحةٌ‏.‏ وقد ذكروا أنّ البُوقَ الكذِب والباطِل‏.‏ وذَكرُوا بيتاً لحسّان‏:‏

* إلاّ الذي نَطَقُوا بُوقاً ولم يَكُنِ *

وهذا إنْ صَحَّ فكانَّه حكايةُ صوتٍ‏.‏

فأمّا قولهم‏:‏ باقَتْهُمْ بائقةٌ وهي الدّاهِيَةَ تَنْزلُ، فليست أصلاً، وأُرَاها مبدلةً من جيم، والبائجة كالفَتْقِ والخَلَلِ‏.‏ وقد ذكر فيما مضى‏.‏

‏(‏بوك‏)‏

الباء والواو والكاف ليس أصلاً، وهو كنايةٌ عن الفعل‏.‏ يقال باكَ الحمارُ الأتانَ‏.‏

‏(‏بول‏)‏

الباء والواو واللام أصلان‏:‏ أحدهما ماءٌ يتحلَّب والثاني الرُّوع‏.‏

فالأوّل البَوْل، وهو معروف وفلانٌ حسن البِيلَة، وهي الفِعْلة من البَوْل‏.‏ وأخَذَه بُوالٌ إذا كانَ يُكْثِر البَوْل‏.‏ وربما عبَّروا عن النّسل بالبَوْل‏.‏ قال الفرزدق‏:‏

أبي هُوَ ذُو البَوْلِ الكثيرِ مُجاشِعٌ *** بكلِّ بِلادٍ لا يَبوُل بها فَحْلُ

قال الأصمعيُّ‏:‏ يقال لنُطَفِ البِغال أبوالُ البِغال، ومنه قيل للسَّراب ‏"‏أبوالُ البغال‏"‏ على التشبيه‏.‏ وإنما شُبّه بأبْوالِ البِغال لأنّ بَوْلَ البِغال كاذبٌ لا يُلْقِح، والسّرابُ كذلك‏.‏ قال ابن مقبل‏:‏

بِسَرْوِ حِمْيَرَ أَبْوالُ البِغالِ به *** أنَّى تَسدَّيتَ وَهْناً ذلك البِينا

قال ابن الأعرابيّ‏:‏ شَحْمةٌ بَوّالَة، إذا أَسْرَع ذَوْبُها‏.‏ ‏[‏قال‏]‏‏:‏

إذْ قالت النَّثُولُ للجَمُولِ *** يا ابنةَ شَحْمٍ في المَرِيءِِ بُولِي

الجَمُول‏:‏ شَحمة تُطبَخ‏.‏ والنَّثول‏:‏ المرأة التي تُخْرجُها من القِدْر‏.‏ ويقال زِقٌّ بَوَّالٌ إذا كان يتفجَّر بالشَّراب، وهو في شعر عَدِيّ‏.‏

وأما الأصل الثاني فالبَال‏:‏ بالُ النفس‏.‏ ويقال ما خَطَر بِبالي، أي ما أُلْقِيَ في رُوعي‏.‏ فإنْ قال قائل‏:‏ فإنَّ الخليلَ ذكَرَ أنّ بال النَّفْس هو الاكتراث، ومنه اشتقَّ ما باليتُ، ولم يخْطُِر ببالي‏.‏ قيل له‏:‏ هو المعنى الذي ذكرناه، ومعنى الاكتراث أن يَكْرُثَه ما وقعَ في نفسه، فهو راجعٌ إلى ما قلناه‏.‏ والمصدر البَاَلةُ والمبالاةُ‏.‏ ومنه قول ابن عباس وسُئِل عن الوُضوء باللَّبَن‏:‏ ‏"‏ما أُباليهِ بالةً، اسمحْ يُسْمَح لك‏"‏‏.‏ ويقولون‏:‏ لم أُبَال ولم أُبَلْ، على القصر‏.‏

وممّا حُمِل على هذا‏:‏ البال، وهو رَخَاء العَيْش؛ يقال إنه لَرَاخي البال، وناعِمُ البال‏.‏

‏(‏بوم‏)‏

الباء والواو والميم كلمةٌ واحدةٌ لا يُقاسُ عليها‏.‏ فالبُوم ذكَرُ الهَامِ، وهو جمعُ بُومَة‏.‏ قال‏:‏

قد أعْسِفُ النّازِحَ المجهولَ مَعْسِفُه *** في ظِلِّ أَخْضَرَ يدعُو هَامَهُ البُومُ

قالوا‏:‏ وجمعُ البُوم أبوام‏.‏ قال‏:‏

فَلاَةٍ لِصَوْتِ الجِنِّ في مُنْكَرَاتِها *** هَريرٌ وللأبْوامِ فيها نوائحُ

‏(‏بون‏)‏

الباء والواو والنون أصلٌ واحدٌ، وهو البُعْد‏.‏ قال الخليل‏:‏ يقال بينهما بَوْنٌ بعيد وبُونٌ -على وزن حَوْر وحُور- وبَيْنٌ بعيدٌ أيضاً، أي فَرْقٌ‏.‏

قال ابنُ الأعرابيّ‏:‏ بانَني فلان يَبُونُني، إذا تَباعَدَ مِنك أو قَطَعَك‏.‏ قال وبَانَني يَبينُني مثله‏.‏

فإن قيل‏:‏ فكيف ينقاس البُِوَان على هذا‏؟‏ قيل له‏:‏ لا يبعُد؛ وذلك أنّ البُِوَانَ العمودُ من أعمدة الخِباء، وهو يُسْمَك به البيت ويَسمُو به، وتلك الفُرْجة هي البَوْن‏.‏

قال أبو مهديّ‏:‏ البُِوَانَ عَمودٌ يُسمَك به في الطُّنُب المقدَّم في وَسَط الشُّقَّة المروَّقِ بها البيتُ‏.‏ قال‏:‏ فذلك هو المعروف بالبُِوان‏.‏ قال‏:‏ ثم تسمَّى سائِرُ العَُمَُد بُونا وبُواناتٍ‏.‏ وأنشد‏:‏

* ومَجْلِسه تحتَ البُِوَانِ المقدّمِ *

وقال آخر‏:‏

* يمشي إلى بُِوانها مَشْيَ الكَسِلْ *

ومن الباب‏:‏ البانةُ، وهي شجرةٌ‏.‏* فأمّا ذو البَانِ فكان مِن بلاد بَني البَكَّاء‏.‏ قال فيه الشاعر‏:‏

ووجْدِي بها أيّام ذِي البانِ دَلَّها *** أميرٌ لـه قلبٌ عَلَيَّ سليمُ

وبُوانَةُ‏:‏ وادٍ لبَنِي جُشَمَ‏.‏

‏(‏بوه‏)‏

الباء والواو والهاء ليس بأصلٍ عندي، وهو كلامٌ كالتهكُّم والهُزْء‏.‏ يقولون للرّجُل الذي لا خَيْر فيه ولا غَنَاءَ عِنده‏:‏ بُوهَة‏.‏ قال‏:‏

يا هِنْدُ لا تَنْكحِي بُوهَةً *** عليهِ عَقِيقتُه أحسَبَا

ومثله قولهم إنّ البُوهَ طائرٌ مثلُ البُومة‏.‏ قال‏:‏

* كالبُوهِ تَحْتَ الظُّلَّةِ المرشُوشِ *

قال‏:‏ يقول‏:‏ كأني طائرٌ قد تَمَرَّطَ ريشُهُ من الكِبرَ، فرُشَّ عليه الماءُ ليكون أسرَع لنَبَات ريشِه‏.‏ قال‏:‏ هو يُفعل هذا بالصُّقُورةِ خَاصَّةً‏.‏ قالوا‏:‏ وإيّاه أرادَ امرؤُ القيس، فشبَّه به الرّجُلَ، وهذا يدلُّ على ما قُلْناه‏.‏ وكذلك البُوهَة، وهو ما طارَتْ به الرِّيح من التُّراب‏.‏ يقال‏:‏ ‏"‏أَهْوَنُ مِن صَوفَةٍ في بُوهَةٍ‏"‏‏.‏

‏(‏باب الباء والياء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏بيت‏)‏

الباء والياء والتاء أصلٌ واحد، وهو المأْوَى والمآب ومَجْمَع الشّمْل‏.‏ يقال بيتٌ وبُيوتٌ وأبياتٌ‏.‏ ومنه يقال لبيت الشِّعر بيتٌ على التشبيه لأنه مَجْمَع الألفاظِ والحروفِ والمعاني، على شرطٍ مخصوصٍ وهو الوَزْن‏.‏ وإيَّاهُ أراد القائل‏:‏

وبَيتٍ على ظَهْرِ المَطِيّ بَنَيْتُه *** بأسمَرَ مَشْقُوق الخياشِيم يَرْعُفُ

أراد بالأسمر القلم‏.‏ والبيت‏:‏ عِيالُ الرّجُل والذين يَبيت عِندهم‏.‏ ويقال‏:‏

ما لِفُلانٍ بِيتةُ ليلَةٍ، أي ما يَبيت عليه من طَعامٍ وغيرِه‏.‏ وبيّتَ الأمْرَ إذا دَبّرَه ليلاً‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ القَوْلِ‏}‏ ‏[‏النساء 108‏]‏، أي حينَ يجتمعون في بُيوتهم‏.‏ غير أنّ ذلك يُخَصّ بالليل‏.‏ النهار يظَلُّ كذا‏.‏ والبَيُّوتُ‏:‏ الماءُ الذي يبيت ليلاً‏.‏ والبَيُّوتُ‏:‏ الأمر يُبَيِّتُ عليه صاحبُه مهتَمّاً به‏.‏ قال أُمَيّة‏:‏

وأَجْعَلُ فُقْرَتَها عُدَّةً *** إذا خِفْتُ بيُّوتَ أَمْرٍ عُضالِ

والبَيَات والتَّبْييت‏:‏ أن تأتي العَدُوَّ ليلاً، كأنّك أَخَذْتَه في بَيْتِهِ‏.‏ وقد روي عن ‏[‏أبي‏]‏ عبيدة أُنه قال‏:‏ بُيِّتَ الشيءُ إذا قُدِّر، ويُشَبَّه ذلك بتقدير بيوت الشَّعر‏.‏ وهذا ليس ببعيدٍ من الأصل الذي أصّلناه وقِسْنا عليه‏.‏

‏(‏بيح‏)‏

الباء والياء والحاء ليس بأصلٍ ولا فَرْعٍ، وليس فيه إلا البِياح، وهو سَمَكٌ‏.‏

‏(‏بيد‏)‏

الباء والياء والدال أصلٌ ‏[‏واحدٌ‏]‏، وهو أن يُودِيَ الشيءُ‏.‏ يقال بادَ الشيءُ بَيْداً وبُيُوداً، إذا أَوْدَى‏.‏ والبَيْداءُ المفازة من هذا أيضاً‏.‏ والجمعُ بينهما في المعنى ظاهرٌ‏.‏ ويقال إنّ البَيْدَانَةَ الأتَانُ تَسكُن البيداءُ‏.‏ فأمّا قولهم بَيْدَ، فكذا جاءَ بمعنى غيْرَ، يقال فُعِلَ كذا بَيْدَ أنّه كان كذا‏.‏ وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏نحن الآخِرُون السّابِقون يومَ القيامة، بَيْد أنَّهمْ أُوتُوا الكتابَ مِنْ قَبْلِنا وأُوتينا مِن بَعْدِهم‏"‏‏.‏ وقال‏:‏

عمداً فَعَلْتُ ذاكِ بَيْدَ أني *** إخَالُ لَوْ هَلَكْتُ لم تُرِنِّي

وهذا يُباينُ القياسَ الأوّل‏.‏ ولو قيل إنه أصلٌ برأْسِهِ لم يَبْعُد‏.‏

‏(‏بيص‏)‏

الباء والياء والصاد ليس بأصلٍ‏.‏ لأنّ بَيْصَ إتْباعٌ لحَيْص‏.‏ يقال‏:‏ وقع القوم في حَيْصَ بَيْصَ، أي اختلاطٍ‏.‏ قال‏:‏

* لم تَلْتَحِصْنِي حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ *

‏(‏بيض‏)‏

الباء والياء والضاد أصلٌ، ومشتقٌّ منه، ومشبَّه بالمشتقّ‏.‏

فالأصل البَيَاض من الألوان‏.‏ يقال ابيضَّ الشّيءُ‏.‏ وأمّا المشتقُّ منه فالبَيْضَة للدّجاجةِ وغيْرِها، والجمع البَيْض، والمشبَّه بذلك بَيْضَة الحديد‏.‏

ومن الاستعارة قولهم للعزيز في مكانِه‏:‏ هو بَيضَة البلَد، أي يُحفَظ ويُحصَّن كما تُحفَظ البيَضة‏.‏ يقالَ حَمى بَيْضَة الإسلام والدِّين‏.‏ فإذا عَبَّرُوا عن الذّليل المستضعف بأنّه بَيْضَة البَلد، يريدون أنّه مَتروكٌ مُفرَدٌ كالبيضة المتْروكة بالعَراء‏.‏ ولذلك تُسمَّى البَيْضَة التريِكة‏.‏ وقد فُسِّرَتْ في موضِعِها‏.‏

ويقال* باضَتِ البُهْمَى إذا سقَطَتْ نِصالُها‏.‏ وباضَ الحَرُّ اشتدّ؛ ويراد بذلك أنّه تمكَّنَ كأنَّه باضَ وفَرَّخ وتَوَطّنَ‏.‏

‏(‏بيظ‏)‏

الباء والياء والظاء كلمةٌ ما أَعرِفها في صحيحِ كلام العرب، ولو أنّهم ذَكرُوها ما كان لإثباتها وجهٌ‏.‏ قالوا‏:‏ البَيْظُ ماءُ الفَحْل‏.‏

‏(‏بيع‏)‏

الباء والياء والعين أصلٌ واحدٌ، وهو بَيْع الشّيءِ، ورُبّما سمّيَ الشِّرَى بيعاً‏.‏ والمعنى واحدٌ‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏لا يَبِعْ أحدُكُمْ على بَيْع أخيهِ‏"‏ قالوا‏:‏ معناه لا يَشْتَرِ على شِرَى أَخِيهِ‏.‏ ويقال بِعْتُ الشّيءَ بَيعاً، فإنْ عَرَضْتَه للبَيْع قلتَ أبَعْتُه‏.‏ قال‏:‏

فَرضِيتُ آلاءَ الكُمَيْتِ فمَنْ يُبِعْ *** فَرَساً فليسَ جَوادُنَا بِمُباعِ

‏(‏بيغ‏)‏

الباء والياء والغين ليس بأصلٍ‏.‏ والذي جاءَ فيه تَبَيُّغُ الدَّمِ، وهو هَيْجه‏.‏ قالوا‏:‏ أصله تبغَّى، فقدّمت الياء وأخّرت الغين، كقولك جذب وجبذ، وما أطْيَبَه وأيْطَبَهُ‏.‏

‏(‏بين‏)‏

الباء والياء والنون أصلٌ واحد، وهو بُعْدُ الشّيء وانكشافُه‏.‏ فالبَيْن الفِراق؛ يقال بَان يَبِينُ بَيْنا وبَيْنُونة‏.‏ والبَيُون البئر البعيدة القَعْر‏.‏ والبِينُ‏:‏ قطعةٌ من الأرضِ قدْرُ مَدِّ البَصَر‏.‏ قال‏:‏

بِسَرْوِ حِمْيَرَ أبوالُ البغَالِ به *** أَنَّى تَسَدّيتَ وَهْناً ذلك البِينَا

وبانَ الشَّيءُ وأبَانَ إذا اتّضَحَ وانْكشَفَ‏.‏ وفلانٌ أبْيَنُ مِنْ فلانٍ؛ أي أوضَحُ كلاماً منه‏.‏ فأمّا البائن في الحَلْب‏.‏

‏(‏باب الباء والهمزة وما يثلثهما‏)‏

‏(‏بأس‏)‏

الباء والهمزة والسين أصلٌ واحد، والشِّدّةُ و‏[‏ما‏]‏ ضارَعَها‏.‏ فالبَأْس الشدّة في الحَرْب‏.‏ ورجلٌ ذُو بَأْسٍ وبَئيسٌ أي شجاع‏.‏ وقد بأس بأساً فإنْ نَعَتَّه بالبُؤْس قلت بَؤُسَ‏.‏ والبُؤْس‏:‏ الشّدّة في العَيش‏.‏ والمبتئس المفتعل من الكَراهة والحُزْن‏.‏ قال‏:‏

ما يَقْسِم اللهُ أَقْبَلْ غير مُبْتَئِسٍ *** مِنْه وأَقْعُدْ كريماً ناعِمَ البالِ

‏(‏بأو‏)‏

الباء والهمزة والواو كلمةٌ واحدة، وهو البَأْوُ، وهو العُجْب‏.‏

‏(‏باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله باء‏)‏

اعلم أَنّ للرُّباعيّ والخُماسيّ مذهباً في القياس، يَستَنْبِطه النَّظرُ الدَّقيق‏.‏ وذلك أنّ أكثر ما تراه منه منحوتٌ‏.‏ ومعنى النَّحت أن تُؤخَذَ كلمتان وتُنْحَتَ منهما كلمةٌ تكون آخذةً منهما جميعاً بخَطِّ‏.‏ والأصل في ذلك ما ذكره الخليل من قولهم حَيْعَل الرّجُل، إذا قالَ حَيَّ عَلَى‏.‏

ومن الشيء الذي كأنّه متَّفَقٌ عليه قولهم‏:‏ عَبْشَميّ‏.‏ وقوله‏:‏

* تَضْحَكُ مِنّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ *

فعلى هذا الأصل بَنَينا ما ذكرناه من مقاييس الرّباعي، فنقول‏:‏ إنّ ذلك على ضربين‏:‏ أحدهما المنحوت الذي ذكرناه، والضّرب الآخر ‏[‏الموضوع‏]‏ وضعاً لا مجالَ له في طُرق القياس‏.‏ وسنبين ذلك بِعَون الله‏.‏

فممّا جاءَ منحوتاً من كلام العرب في الرُّباعي أوله باء‏.‏

‏(‏البلعُوم‏)‏ مَجْرَى الطّعامِ في الحَلْق‏.‏ وقد يحذف فيقال بُلْعُم‏.‏ وغير مُشْكلٍ أنَّ هذا مأخوذٌ من بَلِعَ، إلاّ أنّه زِيدَ عليه ما زيِدَ لجنسٍ من المبالغة في معناه‏.‏ وهذا وما أشبهه توطِئةٌ لما بعده‏.‏

ومن ذلك ‏(‏بُحْتُرٌ‏)‏ وهو القصير المجتمِع الخَلْق‏.‏ فهذا منحوتٌ من كلمتين، من الباء والتاء والراء، وهو من بترتُه فبُتِر، كأنّه حُرِم الطُّولَ فَبُتِرَ خَلْقه‏.‏ والكلمة الثانية الحاء والتاء والراء، هو من حَتَرتُ وأَحْتَرت، وذلك أنْ لا تُفْضِلَ على أحدٍ‏.‏ يقال أَحْتَرَ على نَفْسِه ‏[‏وعِياله‏]‏ أي ضيَّق عليهم‏.‏ فقد صار هذا المعنى في القصير لأنّه لم يُعْطَ ما أُعْطِيَه الطّويلُ‏.‏

ومن ذلك ‏(‏بَحْثَرْتُ‏)‏ الشيءَ، إذا بَدّدته‏.‏ والبَحْثَرة‏:‏ الكَدَر في الماء‏.‏ وهذه منحوتةٌ من كلمتين‏:‏ من بحثْتُ الشّيء في التراب -وقد فُسِّر في الثلاثي- ومن

البَثْر الذي يَظْهَر على البَدَن، *وهو عربيٌّ صحيحٌ معروف‏.‏ وذلك أنّه يَظْهَرُ متفرِّقاً على الجِلْد‏.‏

ومن ذلك ‏(‏البَعْثَقَةُ‏)‏ وتفسيره خُروج الماءِ من الحَوْض‏.‏ يقال تَبَعْثَق الماءُ من الحوض إذا انكسرتْ منه ناحيةٌ فخرجَ منها‏.‏ وذلك منحوتٌ من كلمتين‏:‏ بَعَقَ وبثق، يقال انبعق الماء تَفتّح -وقد فُسِّر في الثلاثيّ- وبثَقْتُ الماءَ، وهو البثق، وقد مضى ذِكرُه‏.‏

وَمن ذلك ‏(‏البُرْجُد‏)‏ وهو كِساءٌ مخطَّط‏.‏ وقد نحت من كلمتين‏:‏ من البِجاد وهو الكِساءُ -وقد فُسّر – ومن البُرْد‏.‏ والشَّبَه بينهما قريب‏.‏

ومن ذلك ‏(‏ابْلَنْدَحَ‏)‏ وتفسيره اتَّسع‏.‏ وهو منحوتٌ من كلمتين‏:‏ من البَدَاح وهي الأرض الواسعة، ومن البَلَد وهو الفَضاء البَرَاز‏.‏ وقد مضى تفسيرُهما‏.‏

وَمن ذلك قولهم ضَرَبه فـ ‏(‏بَخْذَعَهُ‏)‏ وهو من قولك خُذِّع إذا حُزِّزَ وقُطِّع‏.‏ ومنه‏:‏

* فكلاهُما بَطَلُ اللِّقاءِ مُخَذَّعُ *

وقد فُسِّر- ومن بُذِعَ، يقال بُذِعُوا فَابْذَعَرُّوا، إذا تَفَرَّقوا‏.‏

ومن ذلك قولهم ‏(‏بَلْطَحَ‏)‏ الرَّجُل، إذا ضَرَب بنَفْسِه الأرضَ‏.‏ فهي منحوتةٌ من بُطِح وَأُبْلِط، إذا لَصِق بِبَلاط الأرض‏.‏

ومن ذلك قولهم ‏(‏بَزْمَخَ‏)‏ الرّجل إذا تكبَّر‏.‏ وهي منحوتةٌ من قولهم زَمَخ إذا شَمَخ بأنفه، وهو زَامِخٌ، ومن قولهم بَزَخ إذا تَقاعَسَ، ومَشَى مُتَبازِخاً إذا تكلفَ إقامَةَ صُلْبِه‏.‏ وقد فُسِّرَ‏.‏

ومن ذلك قولهم ‏(‏تَبَلْخَصَ‏)‏ لحمُه، إذا غَلُظ‏.‏ وذلك من الكلمتين، من اللَّخَصِ وهو كثْرة اللَّحم، يقال ضَرْعٌ لَخِيصٌ، ومن البَخَص، وهي لحمة الذِّراع والعين وأصولِ الأصابع‏.‏

وَمن ذلك ‏(‏تَبَزْعَرَ‏)‏ أي ساءَ خُلقُه‏.‏ وهذا من الزَّعَر والزَّعَارَة، والتبَزُّع‏.‏ وقد فُسِّرا في مواضِعِهما من الثلاثي‏.‏

ومن ذلك ‏(‏البِرْقِش‏)‏ وهو طائرٌ‏.‏ وهو من كلمتين‏:‏ من رَقَشْتُ الشّيءَ -وهو كالنَّقش- ومن البَرَش وهو اختلافُ اللونين، وهو معروفٌ‏.‏

ومن ذلك ‏(‏البَهْنَسَة‏)‏ التَّبَخْتُر، فهو من البَهْس صِفَةِ الأسد، ومن بَنَسَ إذا تَأَخَّر‏.‏ معناه أنّه يمشي مُقارِباً في تعظُّم وَكِبْرٍ‏.‏

ومما يقارب هذا قولهم ‏(‏بَلْهَسَ‏)‏ إذا أسرع‏.‏ فهو من بَهَسَ ومن بَلِهَ، وهو صِفَة الأبْلَهِ‏.‏

‏(‏باب من الرباعي آخر‏)‏

‏(‏بَلأَصَ‏)‏

غير أصلٍ، لأنّ الهمزة مبدلة ‏[‏من هاء‏]‏ والصَّاد مبدلَةٌ من سين‏.‏

ومن هذا الباب ما يجيءُ على الرّباعي وهو من الثلاثي على ما ذكرناه، لكنّهم يزيدون فيه حرفاً لمعنىً يريدونه مِنْ مبالغةٍ، كما يفعلون ذلك في زُرْقُمٍ وَخَلْبَنٍ‏.‏ لكن هذه الزيادَة تقع أوّلاً وغيرَ أوّلٍ‏.‏

وَمن ذلك ‏(‏البَحْظَلَة‏)‏ قالوا‏:‏ أَنْ يَقْفِزَ الرَّجُل قَفَزَانَ اليَربوع‏.‏ فالباءُ زائدةٌ قال الخليل‏:‏ الحاظل الذي يمشي في شِقِّه‏.‏ يقال مَرَّ بنا يَحْظَلُ ظالِعاً‏.‏

ومن ذلك ‏(‏البِرْشاع‏)‏ الذي لا فُؤاد لـه‏.‏ فالرّاء زائدة، وإنما هو من الباء والشين والعين، وقد فُسِّرَ‏.‏

ومن ذلك ‏(‏البَرْغَثَة‏)‏ فالراءُ فيه زائدة وإنما الأصل الباء والغين والثاء‏.‏ والأبغث من طير الماء كلون الرَّماد‏.‏ فالبَرْغَثَةُ لونٌ شبيهٌ بالطُّحْلة ومنه البُرْغُوث‏.‏

ومن ذلك ‏(‏البَرْجَمَةُ‏)‏ غِلَظُ الكلام‏:‏ فالراء زائدةٌ، وإنَّما الأصل البَجْم‏.‏ قال ابنُ دريد‏:‏ بَجَم الرّجُل يَبْجَم بُجُوماً، إذا سكَتَ من عِيٍّ أو هيْبَةٍ، فهو باجِمٌ‏.‏

‏(‏فأما النّبَهْرَجُ‏)‏ فليست عربيّةٌ صحيحة، فلذلك لم يُطْلَبْ لها قياس‏.‏ والبَهْرَج الرَّدِيّ‏.‏ ويقال أرضٌ بَهْرَجٌ، إذا لم يكن لها مَن يحميها‏.‏ وبَهْرَجَ الشّيءَ إذا أخَذَ به على غير الطريق‏.‏ وإن كان فيه شاهدُ شعر فهو كما يقولون ‏"‏السّمَرَّج‏"‏‏.‏ وليس بشَيْء‏.‏

ومما فيه حرف زائد ‏(‏البَرْزَخ‏)‏ الحائل بين الشيئين، كأنّ بينهما بَرَازاً * أي متَّسَعاً من الأرض، ثم صار كلُّ حائلٍ بَرْزَحاً‏.‏ فالخاء زائدة لما قد ذكرنا‏.‏

ومن هذا الباب ‏(‏البِرْدِس‏)‏ الرّجُل الخبيث‏.‏ والباءُ زائدة، وإنما هو من الرَّدْسِ، وذاك أن تقتحم الأمور، مثل المِرْداس، وهي الصخرة‏.‏ وقد فُسِّر في بابه‏.‏

ومن ذلك ‏(‏بلذَمَ‏)‏ إذا فَرِقَ فسَكَتَ‏.‏ والباءُ زائدة، وإنّما هو من لَذِمَ، إذا لَزِمَ بمكانه فَرَِقاً لا يتحرَّك‏.‏

ومن ذلك ‏(‏بِرْقِعُ‏)‏ اسم سَمَاءِ الدّنيا‏.‏ فالباءُ زائدة والأصل الرّاء والقاف والعين؛ لأنَّ كلَّ سماءٍ رقيعٌ، والسّماواتُ أرقِعَةٌ‏.‏

ومن ذلك ‏(‏بَرْعَمَ‏)‏ النَّبْتُ إذا استدارَتْ رُؤوسُه‏.‏ الأصل بَرَع إذا طال‏.‏ ومن ذلك ‏(‏البَرْكَلَةُ‏)‏ وهو مشْيُ الإنسان في الماء والطين، فالباءُ زائدةٌ، وإنما هو من تَرَكَّلَ إذا ضَرَبَ بإحدى رجليه فأدخلها في الأرض عند الحفْر‏.‏ قال الأخطل‏:‏

ربَتْ وَرَبَا في حَجْرِها ابن مَدِينةٍ *** يَظَلُّ على مِسحاتِهِ يترَكَّلُ

ومن ذلك قولهم ‏(‏بَلْسَمَ‏)‏ الرّجُل كَرَّه وجهَه‏.‏ فالميم فيه زائدة، وإنما هو من المُبْلِس، وهو الكئيب الحزين المتندِّم‏.‏ قال

* وفي الوُجوهِ صُفْرَةٌ وإبْلاَسْ *

ومن ذلك الناقة ‏(‏البَلْعَكُ‏)‏ وهي المسترخيَة اللَّحم‏.‏ واللام زائدةٌ، وهو البَعْك وهو التجمُّع‏.‏ وقد ذُكِر‏.‏

ومن ذلك ‏(‏البَلْقَع‏)‏ الذي لا شيءَ به‏.‏ فاللام زائدة، وهو من باب الباء والقاف والعين‏.‏

ومن ذلك ‏(‏تَبَعثرَتْ نَفْسِي‏)‏ فالعين زائدة، وإنما هو في الباء والثّاء والراء‏.‏ وقد مرّ تفسيره‏.‏

‏(‏الباب الثالث من الرباعي الذي وضع وضعاً‏)‏

‏(‏البَُهْصَُلَة‏)‏‏:‏ المرأة القصيرة، وحمار بُهْصُلٌ قصير‏.‏ والبُخْنُق‏:‏ البُرْقُع القصير، وقال الفرّاء‏:‏ البُخْنُق خِرْقَةٌ تَلْبَسُها المرأة تَقِي بها الخِمارَ الدُّهْنَ‏.‏ البَلْعَثُ‏:‏ السَّيِّئ الخُلُق‏.‏ البَهْكَثَة‏:‏ السُّرعة‏.‏ البَحْزَج‏:‏ وَلَدُ البَقَرة‏.‏ وكذلك البَُرْغَُز‏.‏ بَرْذَنَ الرّجُل‏:‏ ثَقُل‏.‏ البرازِق‏:‏ الجماعات‏.‏ البُرْزُلُ‏:‏ الضخم‏.‏ ناقة بِرْعِس‏:‏ غزيرة‏.‏ بَرْشَط اللّحْمَ‏:‏ شَرْشَرَهُ‏.‏ بَرْشَمَ الرّجُلُ إذا وَجَمَ وأظهْرَ الحُزْن‏.‏ وبَرْهَمَ، إذا أدامَ النظرَ‏.‏ قال‏:‏

* ونَظَراً هَوْنَ الهُوَيْنَى بَرْهَما *

البَرْقَطَةُ‏:‏ خَطْوٌ متقارب‏.‏ والله أعلَمُ بالصّواب‏.‏

‏(‏تمّ كتاب الباء‏)‏‏.‏

كتاب التاء

‏(‏باب ما جاء من كلام العرب مُضاعَفاً أو مطابقاً وأوله تاء‏)‏

‏(‏تخ‏)‏

التاء والخاء في المضاعف ليس أصلاً يُقاسُ عليه أو يفرَّع منه، والذي ذُكر منه فليس بذلك المعوَّل عليه‏.‏ قالوا‏:‏ والتّختخة حكايةُ صوتٍ‏.‏ والتَّخُّ العجين الحامِض، تَخَّ تُخوخَة، وأَتَخَّهُ صاحبُه إتخاخاً‏.‏

‏(‏تر‏)‏

التاء والراء قريبٌ من الذي قبلَه‏.‏ وفيه من اللغة الأصلية كلمةٌ واحدة، وهو قولهم بَدَنٌ ذو تَرَارةٍ، إذا كانَ ذا سِمَن وبَضَاضة‏.‏ وقد تَرَّ‏.‏ قال الشاعر‏:‏

ونُصْبِح بالغَداةِ أَتَرَّ شيءٍ *** ونُمْسي بالعَشِيِّ طَلَنْفَحِينا

وأمّا التَّراتِرُ فالأمورُ العِظام، وليست ‏[‏أصلاً‏]‏؛ لأنّ الرّاء مبدلةٌ من لامٍ‏.‏ وقولهم تَرَّتِ النَّواةُ مِن مِرْضاحِها تَتِرُّ، فهذا قريبٌ مما قبلَه‏.‏ وكذلك الخيط الذي يُسمَّى ‏"‏التُّرّ‏"‏ وهو الذي يمدُّه الباني، فلا يكاد مِثْلُه يصحّ‏.‏ وكذلك قولهم إن الأُتْرُور‏:‏ الغلامُ الصغير‏.‏ ولولا وِجْداننا ذلك في كُتُبهم لكان الإعراضُ عنه أصوبَ‏.‏ وكيف يصحُّ شيءٌ يكونُ شاهدُه مثلَ هذا الشِّعر‏:‏

أعوذ باللهِ وبالأمير *** من عَامِلِ الشُّرْطةِ والأتْرُورِ

ومثلُه ما حُكي عن الكسائيّ‏:‏ تَرّ الرّجلُ عن بِلادِهِ‏:‏ تَباعَدَ‏.‏ وأَتَرَّهُ القَضاءُ‏:‏ أبعَدَه‏.‏

‏(‏تع‏)‏

التاء والعين من الكلام الأصيل الصَّحيح، وقياسُه القَلَقُ والإكراه‏.‏ يقال تَعْتَعَ الرَّجُلُ إذا تَبَلَّدَ في كلامه‏.‏ وكلُّ من أُكرِهَ في شيءٍ حتى يَقْلَقَ ‏[‏فقد‏]‏ تُعْتِعَ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏حتى يُؤخَذَ للضَّعيف حقُّه من القوِيّ غيْرَ مُتَعْتَعٍ‏"‏‏.‏ ويقال تَعْتَعَ الفَرَسُ إذا ارْتَطَمَ‏.‏ قال‏:‏

يُتَعْتِعُ في الخَبَارِ إذا علاهُ *** ويعثُر في الطريقِ المستقيمِ

ويقال‏:‏ وقع القوم في تَعاتِعَ، أي أراجِيفَ وتَخْليطٍ‏.‏

‏(‏تغ‏)‏

التاء والغين ليس أصلاً‏.‏ ويقولون‏:‏ التغتغة حكايةُ صوت أو ضَحِك‏.‏

‏(‏تف‏)‏

التاء والفاء كالذي قبله‏.‏ على أنّهم يقولون‏:‏ التُّفُّ وسَخ الظُّفُرِ‏.‏

‏(‏تق‏)‏

التاء والقاف كالذي قبله‏.‏ يقولون تَتَقْتَقَ من الجَبَلِ إذا وَقَع‏.‏

‏(‏تك‏)‏

التاء والكاف ليس أصلاً‏.‏ ويُضْعِف أمرَه قِلّةُ ائتلافِ التاء والكاف في صَدْر الكلام، وقد جاءَ التِّكَّة، وتَكَكْتُ الشيءَ‏:‏ وطِئْته‏.‏ والتّاك‏:‏ الأحْمَق‏.‏ وما شاءَ الله جلَّ جلالُه أنْ يصِحَّ فهو صحيح‏.‏

‏(‏تل‏)‏

التاء واللام في المضاعف أصلٌ صحيح، وهو دليل الانتصاب وضِدِّ الانتصاب‏.‏

فأمَّا الانتصاب فالتلّ، معروف‏.‏ والتَّليل العُنُق‏.‏ وتَلَلْتُ الشيءَ في يَدِه‏.‏ والتَّلْتَلة الإقلاق، وهو ذلك القياس‏.‏

وأمّا ضِدُّه فَتَلَّه أي صَرَعَه‏.‏ وهذا جنسٌ من المقابلة‏.‏ والمِتَلُّ‏:‏ الرُّمح الذي يُصْرَع به‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وتَلَّهُ لِلْجَبِينِ‏}‏ ‏[‏الصافات 103‏]‏‏.‏ ثم قال لبيد‏:‏

رابِطُ الجأشِ على فَرْجِهِمُ *** أَعْطِفُ الجَوْنَ بمربُوعٍ مِتَلّ

يقول‏:‏ أعطفه ومَعِي رُمْحٌ مِتلٌّ‏.‏

‏(‏تم‏)‏

التاء والميم أصلٌ واحدٌ منقاس، وهو دليلُ الكمال‏.‏ يقال تمَّ الشيءُ، إذا كَمَل، وأتممْتُه أنا‏.‏

ومن هذا الباب التَّميمة‏:‏ كأنَّهم يريدون أنّها تَمام الدَّواءِ والشِّفاءِ المطلوب‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏مَنْ عَلَّقَ تميمةً فلا أتمَّ الله لَه‏"‏ والتّميم أيضاً‏:‏ الشيءُ الصُّلب‏.‏ ويقال امرأةٌ حُبْلَى متِمٌّ، ووَلَدَتْ لتَمامٍ، وليلُ التِّمام لا غير‏.‏ وتتميم الأيْسارِ أن تُطْعِمَهم فَوْزَ قِدْحِك، فلا تَنْتقِص منه شيئاً‏.‏ قال النابغة‏:‏

أَنِّي أتمِّمُ أيسارِي وأمنَحُهُمْ *** مَثْنَى الأَيادِي وأكْسُوَ الجَفْنَةَ الأُدُمَا

والمستَتمّ‏:‏ الذي يطلُب شيئاً من صوف أو وَبَر يُتمُّ به نَسْج كِسائِهِ‏.‏ قال أبو دُوَاد‏:‏

فهي كالبَيْضِ في الأداحِيِّ لا يو *** هَبُ منها لمُسْتَتمٍّ عِصامُ

والموهوب تِمَّةٌ وتُمّة‏.‏

وأما قولـه المتَتَمِّم المتكَسِّر، فقد يكون من هذا، لأنه يتنَاهَى حتى يتكسَّر‏.‏ ويجوز أنْ يكون التَّاء بدلاً من ثاءٍ كأنه مُتَثمِّم، وهو الوجه‏.‏ ويُنشَد فيه‏:‏

* كانهياضِ المتعَبِ المتَتَمِّمِ *

‏(‏تن‏)‏

التاء والنون كلمتانِ ما أدري ما أصْلُهما، إلا أنّهم يُسَمُّون التِّرْب‏:‏ التِّن‏.‏ ويقولون‏:‏ أَتَنَّهُ المرضُ، إذا قَصَعَهُ وهو لا يكاد يَشِبُّ‏.‏

‏(‏ته‏)‏

التاء والهاء ليس بأصلٍ، ولم يجئْ فيه كلمةٌ تتفرّع‏.‏ إنما يقولون التَّهاتهُ الباطل‏.‏ قال القُطاميّ‏:‏

ولم يكُنْ ما ابتَلَيْنا مِن مَواعِدِها *** إلا التَّهاتِهَ والأمْنِيَّةَ السَّقَما

قالوا‏:‏ والتَّهتَهَةُ‏:‏ اللُّكُنْة في اللّسان‏.‏

‏(‏تو‏)‏

التاء والواو كلمة واحدة وهي التَّوُّ، وهو الفَرْد‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏الطَّوَافُ تَوٌّ‏"‏‏.‏ ويقال سافَرَ سَفَراً تَوّاً، وذلك أن لا يُعَرِّج، فإن عَرَّجَ بمكانٍ وأنشأ سَفَراً آخَرَ فليس بتَوٍّ‏.‏

‏(‏تب‏)‏

التاء والباء كلمةٌ واحدة، وهي التّباب، وهو الخُسْران‏.‏ وتبّاً للكافر، أي هلاكاً لـه‏.‏ وقال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا زَادُوهُمْ غيْرَ تَتْبِيبٍ‏}‏ ‏[‏هود 101‏]‏، أي تخسير‏.‏ وقد جاءَت في مقابلتهما كلمةٌ، يقولون استَتَبَّ الأمر إذا تهيّأَ‏.‏ فإن كانت صحيحةً فللباب إذاً وجهان‏:‏ الخُسْران، والاستِقامة‏.‏

‏(‏باب التاء والجيم وما يثلثهما‏)‏

‏(‏تجر‏)‏

التاء والجيم والراء، التِّجارة معروفة‏.‏ ويقال تاجر وتَجْرٌ، كما يقال صاحبٌ وصحبٌ‏.‏ ولا تكاد تُرى تاءٌ بعدها جيم‏.‏‏

أورد في المجمل بعض الشبهات في هذه القضية وردها إلى نصابها‏.‏ فانظره‏.‏‏

‏(‏تحم‏)‏

الأتْحميُّ‏:‏ ضربٌ من البُرودِ‏:‏‏

‏(‏تحت‏)‏

التاء والحاء والتاء كلمةٌ واحدةٌ، تحت الشّيء‏.‏ والتُّحُوت‏:‏ الدُّونُ من النّاس وفي الحديث‏:‏ ‏"‏تَهْلِكُ الوُعولُ وتَظْهَر التُّحوتُ‏"‏‏.‏ والوُعُول‏:‏ الكِبار والعِلْية‏.‏‏

‏(‏باب التاء والخاء وما يثلثهما‏)‏‏

‏(‏تخذ‏)‏

التاء والخاء والذال كلمة واحدة، تَخِذْتُ الشّيءَ واتَّخَذْته‏.‏‏

‏(‏تخم‏)‏

التاء والخاء والميم كلمةٌ واحدة لا تتفرَّع‏.‏ التُّخوم‏:‏ أعلامُ الأرضِ وحُدودُها‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏ملْعونٌ مَنْ غَيَّرَ تُخُوم الأرض‏"‏‏.‏ قال قوم‏:‏ أرادَ حُدودَ الحَرَم‏.‏ وقال آخرون‏:‏ هو أن يدخُلَ الرّجلُ في حُدود غَيرهِ فيحُوزَها ظُلْماً‏.‏ قال‏:‏‏

يا بَنِيَّ التُّخُومَ لا تَظْلِمُوها *** إنّ ظُلْمَ التُّخُوم ذُو عُقّالِ‏

وأمّا التُّخَمَة ففي بابها من كتاب الواو‏.‏‏

‏(‏باب التاء والراء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ترز‏)‏

التاء والراء والزاء كلمةٌ واحدة صحيحة‏.‏ تَرِزَ الشّيءُ صَلُبَ‏.‏ وكلُّ مستحكِمٍ تارز‏.‏ والميِّت تارزٌ؛ لأنَّه قد يَبِسَ‏.‏ قال‏:‏

* كأنَّ الذي يُرمَى من الوحشِ تارِزُ *

وقال امرؤ القيس –ويدلّ على أنّ التارز الصُّلب -‏:‏

بعَِجْلَِزَةٍ قد أتْرَزَ الجَرْيُ لَحْمَها *** كميتٍ كأنّها هِراوةُ مِنوالِ

ويقال أتْرَزَتِ المرأةُ حَبْلَها‏:‏ فتلَتْه فتلاً شديداً‏.‏ وأترزَتْ عجينَها إذا مَلَكَتْه‏.‏

‏(‏ترس‏)‏

التاء والراء والسين كلمةٌ واحدة، وهي التُّرْسُ، وهو معروف، والجمع تِرَسَةٌ وتِراسٌ وَتُرُوس‏.‏ قال‏:‏

كأنَّ شَمْساً نَزَلَتْ شُمُوسا *** دُروعَنا والبَيْضَ والتُّرُوسا

‏(‏ترش‏)‏

التاء والراء والشين ليس أصلاً ولا فَرْعاً، سوى أنَّ ابن دريد ذكَر أنّ التَّرَشَ خِفَّةٌ ونَزَقٌ، يقال تَرِشَ يَتْرَشُ تَرَشاً‏.‏ وما أدرِي ما هُوَ‏.‏

‏(‏ترص‏)‏

التاء والراء والصاد أصلٌ واحد، وهو الإحكام‏.‏ يقال تَرُصَ الشّيءُ، وأَتْرَصْتُه أحكمْتُه فهو مُتْرَصٌ‏.‏ وكلُّ ما أحكَمْتَ صَنْعتَهُ فقد أتْرَصْتَه‏.‏ وأنشد الخليل‏:‏

* وشُدَّ يَدَيْكَ بالعَقْدِ التَّريصِ *

‏(‏ترع‏)‏

التاء والراء والعين أصلٌ مطّردٌ قياسُه، وهو تفتُّح الشَّيءِ‏.‏ فالتُّرْعة البابُ، والتَّرَّاع البَوّابُ‏.‏ قال‏:‏

إنِّي عَدَاني أن أزُورَكِ مُحكَمٌ *** مَتَى ما أُحَرِّكْ فيه ساقَيَّ يصخَبِ

حديدٌ ومَرصوص بِشِيدٍ وجنْدَلٍ *** لَهُ شُرُفاتٌ مرقبٌ فَوْقَ مَرْقَبِ

يُخيِّرُني تَرَّاعُه بين حَلْقَةٍ *** أَزُومٍ إذا عَضَّتْ وكِبْلٍ مُضَبَّبِ

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏إنّ مِنبري هذا تُرْعَةٌ من تُرَع الجنة‏"‏‏.‏ والتَّرَع‏:‏ الإسراع إلى الشرّ‏.‏ ورجلٌ تَرِعٌ‏.‏ وهو من ذاك، لأنّ فيه تفتُّحاً إلى ما لا ينبغي‏.‏ ولا يكاد يُقالُ هذا في الخير‏.‏

ومن هذا الباب أترعْتُ الإناءَ مَلأتُه‏.‏ وجَفْنَةٌ مُتْرَعة‏.‏ قال‏:‏

* لو كان حَيّاً لَغَاداهُمْ بِمُتْرَعةٍ *

والتَّرَع‏:‏ الامتلاء‏.‏ وقد تَرِعَ الإناءُ‏.‏ وكان بعضُ أهل اللغة يقول‏:‏ لا أقول تَرِع، ولكن أُتْرِع‏.‏ وهذا من الباب، لأنه إذا أُتْرِع بادَرَ إلى السَّيَلان‏.‏ والتُّرْعة والجمعُ تُرَع‏:‏ أفواه الجداول‏.‏ ويقال سَيْرٌ أَتْرَعُ‏.‏ قال‏:‏

* فافترشَ الأرضَ بسَيْرٍ أتْرَعا *

والقياس كلّه واحد‏.‏

‏(‏ترف‏)‏

التاء والراء والفاء كلمة واحدة، وهي التُّرْفَة‏.‏ يقال رجلٌ مُترفٌ مُنَعَّمٌ، وتَرَّفَهُ أهلُه إذا نعمّوه بالطَّعام الطّيِّب والشيء يُخَصُّ به‏.‏ وفي كتاب الخليل‏:‏ التُّرفَة الهَنَةُ في الشَّفَة العُلْيا‏.‏ وهذا غلطٌ، إنّما هي التُِّفرَةُ وقد ذُكرت‏.‏

‏(‏ترق‏)‏

التاء والراء والقاف ليس فيه شيءٌ غير التَّرْقُوَة، فإنّ الخليل زعَمَ أنّها فَعْلُوَة، وهو عظمٌ وصَلَ ما بين ثُغْرة النَّحْرِ والعاتق‏.‏

‏(‏ترك‏)‏

التاء* والراء والكاف‏:‏ الترك التخلية عن الشيء، وهو قياسُ الباب، ولذلك تسمّى البَيْضَةُ بالعَراءِ تريكة‏.‏ قال الأعشى‏:‏

ويَهْماءَ قَفْرٍ تَأْلَهُ العَيْنُ وسْطَها *** وتَلْقَى بها بَيْضَ النَّعامِ ترائِكا

وتَرْكَةُ السِّلاح، وهي البيضة، محمولٌ على هذا ومشبَّهٌ به، والجمع تَرْكٌ‏.‏ قال لبيد‏:‏

فخمة ذفراء تُرْتَى بالعُرَى *** قُرْدُمانِيّاً وتَرْكَا كالبَصَلْ

وتَرَاكِ بمعنى اتْرُكْ‏.‏ قال‏:‏

تَرَاكِها مِنْ إبلٍ تَرَاكـِها *** أما تَرَى الموتَ لدى أوراكِها

وتَرِكَةُ الميِّت‏:‏ ما يتْرُكُه من تُراثِه‏.‏ والتّريكة رَوْضةٌيُغْفِلُها النّاسُ فلا يَرْعَوْنها‏.‏ وفي الكتاب المنسوب إلى الخليل‏:‏ يقال تركْتُ الحبْلَ شديداً، أي جعلتُه شديداً‏.‏ وما أحْسَِبُ هذا من كلام الخليل‏.‏

‏(‏تره‏)‏

التاء والراء والهاء كلمةٌ ليست بأصلٍ متفرَّعٍ منه‏.‏ قالوا‏:‏ التَّرَّهاتُ، والتُّرَّهُ الأباطيل من الأمور‏.‏ قال رُؤبة‏:‏

* وحَقَّةٍ ليستْ بقَوْلِ التُّرَّهِ *

قالوا‏:‏ والواحد تُرَّهَة‏.‏ قال‏:‏ وجَمَعها أناسٌ على التَّرَارِيهِ‏.‏ قال‏:‏

رُدُّوا بَنِي الأعْرَجِ إبْلي مِن كَثَبْ *** قَبْلَ الترارِيهِ وَبُعْدِ المُطَّلَبْ

‏(‏ترب‏)‏

التاء والراء والباء أصلان‏:‏ أحدهما التّراب وما يشتقّ منه، والآخر تساوي الشّيئين‏.‏ فالأول التُّراب، وهو التَّيْربُ والتَّوْرَاب‏.‏ ويقال تَرِبَ الرجل إذا افتقَرَ كأنّه لصِق بالتُّراب، وأتْربَ إذا استَغْنى، كأنّه صار لـه من المال بقَدْرِ التُّراب، والتَّرباء الأرضُ نفسها‏.‏ ويقال ريحٌ تَرِبَةٌ إذا جاءَت بالتُّراب‏.‏ قال‏:‏

لا بَلْ هو الشَّوقُ مِنْ دارٍ تخَوَّنَهَا *** مرّاً سَحابٌ ومَرّاً بارحٌ تَرِبُ

وأمّا الآخر فالتِّرب الخِدْن، والجمع أترابٌ‏.‏ ومنه التَّرِيب، وهو الصَّدر عند تساوي رؤوس العظام‏.‏ قال‏:‏

* أشْرَفَ ثَدْيَاها على التَّريبِ *

ومنه التَّرِبات وهي الأنامل، الواحدة تَرِبة‏.‏

ومما شذَّ عن الباب التّربة وهو نبت‏.‏

‏(‏ترج‏)‏

التاء والراء والجيم لا شيء فيه إلاّ ‏"‏تَرْج‏"‏، وهو موضع‏.‏ والأتْرُج معروف‏.‏

‏(‏ترح‏)‏

التاء والراء والحاء كلمتان متقاربتان‏.‏ قال الخليل‏:‏ التَّرَح نقيض الفَرَح‏.‏ ويقولون‏:‏ ‏"‏بعْدَ كلِّ فرْحَةٍ تَرْحَةٌ، وبعد كل حَبْرَةٍ عَبْرَةٌ‏"‏، قال الشاعر‏:‏

وما فَرْحَةٌ إلاّ سَتُعْقِبُ تَرْحَةً *** وما عامرٌ إلا وَشِيكاً سَيَخْرَبُ

والكلمة الأخرى‏:‏ الناقة المِتْراح، وهي التي يُسرع انقطاعُ لبنِها؛ والجمع مَتَاريح‏.‏

‏(‏باب التاء والسين وما يثلثهما‏)‏

‏(‏تسع‏)‏

التاء والسين والعين كلمةٌ واحدة، وهي التِّسعة في العدد‏.‏ تقول تَسَعْتُ القومَ، أي صرت تاسِعَهم‏.‏ وأتْسعتُ الشّيءَ إذا كان ثمانيةً فأتممته تِسعة‏.‏ والتِّسع ثلاثُ ليالٍ من الشَّهر آخرُ ليلةٍ منها اللّيلة التاسعة‏.‏ وتَسَعْتُ القومَ أتْسَعُهُم إذا أخَذْتَ تُسْع أموالهم‏.‏‏

‏(‏تعب‏)‏

التاء والعين والباء كلمةٌ واحدة، وهو الإعياء حتّى يقال‏:‏ تَعِبَ تَعَباً، وهو تَعِبٌ، ولا يقال متعوبٌ‏.‏ وأَتْعَبْـتُهُ أنا إتعاباً‏.‏ فأما قولهم أُتْعِبَ العظمُ، إذا هِيضَ بعد الجَبْرِ، فليس بأصلٍ، إنّمَا هو مقلوبٌ من أُعْتِبَ‏.‏ وقد ذُكر في بابه‏.‏ قال‏:‏‏

إذا ما رآها رَأْيَةً هِيضَ قَلْبُه *** بها كانْهِياضِ المُتْعَبِ المتهشِّمِ‏

‏(‏تعر‏)‏

التاء والعين والراء ليس بشيء، إلاّ تِعَار، وهو جَبَل‏.‏‏

‏(‏تعس‏)‏

التاء والعين والسين كلمةٌ واحدة وهو الكَبُّ، يقال تَعَسَه الله وأتعسَه‏.‏ قال‏:‏‏

غداةَ هَزَمْنا جَمْعَهم بمُتالعٍ *** فآبوا بإتعاسٍ على شَرِّ طائرِ‏

‏(‏تعص‏)‏

التاء والعين والصاد كلمةٌ واحدة‏.‏ ذكر ابنُ دريد أنّ التَّعِصَ الذي يشتكي عُنقَه من المَشْيِ‏.‏‏

‏(‏باب التاء والفاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏تفل‏)‏

التاء والفاء واللام أصلٌ واحدٌ، وهو خُبْثُ* الشيء وكَرَاهَتُه‏.‏ فالتَّفَل الرِّيحُ الخبيثة‏.‏ وامرأةٌ تَفِلَةٌ ومِتْفال‏.‏ وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‏"‏لا تمنَعُوا إماءَ الله مساجدَ الله، وليَخْرُجْن إذا خرَجْنَ تَفِلات‏"‏، أي لا يكنَّ مطيَّبات‏.‏ وقد أتْفَلْتُ الشيءَ، قال‏:‏

يا ابنَ التي تَصيَّدُ الوِبارَا *** وتُتْفِل العَنْبَر والصُّوارا

وقال امرؤ القيس‏:‏

* إذا انفَتَلَتْ مُرْتَجّةٌ غيْرُِ مِتْفالِ *

ومن هذا الباب تَفَلْت بالشَّيء، إذا رمَيْتَ به من فَمِك متكرِّهاً له‏.‏ قال‏:‏

ومِنْ جَوفِ ماءٍ عَرْمَضُ الحَوْلِ فَوْقَه *** مَتَى يَحْسُ مِنه مائحُ القَوْمِ يتفُلِ

‏(‏تفه‏)‏

التاء والفاء والهاء أصلٌ واحد، وهو قِلَّةُ الشيء‏.‏ يقال تَفِهَ الشّيءُ فهو تافِه، إذا قَلّ‏.‏ وفي الحديث في ذكر القرآن‏:‏ ‏"‏لا يَتْفَهُ ولا يُخْلِقُ‏"‏‏"‏‏.‏

وفي حديث آخر‏:‏ ‏"‏كانت اليد لا تُقْطع في الشّيء التّافِهِ‏"‏‏.‏

‏(‏تفث‏)‏

التاء والفاء والثاء كلمةٌ واحدة في قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏ثمَّ لْيَقْضُوا

تَفَثَهُمْ‏}‏ ‏[‏الحج 29‏]‏‏.‏ قال أبو عبيدةَ‏:‏ هو قصُّ الأظافر وأخْذ الشَّارب وشمُّ الطيب وكلُّ ما يَحْرُم على المُحْرِم إلاّ النكاح‏.‏ قال‏:‏ ولم يجئ فيه شِعْرٌ يُحْتَجُّ به‏.‏

‏(‏تفر‏)‏

التاء والفاء والراء كلمة واحدة، وهي التّفرة الدائرة التي تحت الأنف في وَسَط الشَّفَةِ العُلْيا‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ التّفْرةُ من الإنسان، وهي من البعير النَّعْو‏.‏ والتَّفِرةُ نبتٌ، وهو أحبُّ المرعى إلى المال‏.‏ قال‏:‏

لها تَفِرَاتٌ تَحْتَها وقُصارُها *** إلى مَشْرَةٍ لم تُعْتَلَقْ بالمحاجِنِ

‏(‏تفح‏)‏

التاء والفاء والحاء كلمة واحدة، وهي التُّفَّاح‏.‏

‏(‏باب التاء والقاف وما يثلثهما‏)‏

‏(‏تقن‏)‏

التاء والقاف والنون أصلان‏:‏ أحدهما إحكام الشّيء، والثاني الطين والحَمْأة‏.‏‏

فالقول الأوّل أتقَنْت الشّيء أحكَمْتُه‏.‏ ورجل تقن‏:‏ حاذقٌ‏.‏ وابن تِقْن‏:‏ رجلٌ كان جيّد الرّمي يُضْرَبُ به المَثَل‏.‏ قال‏:‏‏

* يرمي بها أرمَى من ابن تِقْنِ *‏

وأمّا الحمأة والطين فيقال‏:‏ تَقَّنُوا أرضَهُم، إذا أصلحوها بذلك، وذلك هو التِّقْن‏.‏‏

‏(‏تقد‏)‏

التاء والقاف والدال‏.‏ يقولون التَِّقْدة نبت‏.‏ وهذا وشِبْهه مما لا يعرَّجُ عليه‏.‏‏

‏(‏باب التاء واللام وما يثلثهما‏)‏

‏(‏تلو‏)‏

التاء واللام والواو أصلٌ واحد، وهو الاتِّباع‏.‏ يقال‏:‏ تَلَوْتُه إذا تَبِعْتَه‏.‏ ومنه تلاوةُ القُرآن، لأنّه يُتْبِع آيةً بعد آية‏.‏ فأمّا قوله تلَوْتُ الرّجلَ أتلوه تُلُوّاً إذا خَذَلْتَه وتركتَه، فإنْ كان صحيحاً فهو القياس؛ لأنه مُصاحِبُه ومَعَه، فإذا انقَطَع عنه وتركه فقد صار خَلْفَه بمنزلة التّالي‏.‏

ومن الباب التّلِيَّة والتُّلاَوَة وهي البقيّة، لأنها تتلو ما تقدَّم منها‏.‏ قال ابن مُقبل‏:‏

يا حُرّ أَمْسَتْ تَليّاتُ الصِّبا ذهبَتْ *** فلستُ منها على عَينٍ ولا أثَرِ

ومما يصحّ ‏[‏في‏]‏ هذا ما حكاه الأصمعيّ‏.‏ بقِيَتْ لي حاجةٌ فأنا أَتَتَلاّهَا‏.‏ والتَّلاَءُ الذّمّة، لأنها تُتَّبَع وتُطْلَب، يقال أتْلَيْتُه ذِمّة‏.‏ والمُتالي الذي يُرَادُّ صاحبَه الغِناءَ، سُمّيا بذلك لأنّ كلّ واحدٍ منهما ‏[‏يتلو‏]‏ صاحبه‏.‏ قال الأخطل‏:‏

* أوْ غِناءُ مُتَالِ *

‏(‏تلد‏)‏

التاء واللام والدال أصلٌ واحد، وهو الإقامة‏.‏ ويقولون تَلَدَ فلانٌ في بَنِي فلانٍ إذا أقامَ فيهم يَتْلِدُ‏.‏ وأتْلَدَ إذا اتَّخَذَ مالاً، والتِّلاد ما نَتَجْتَه أنتَ عِنْدك من مالٍ‏.‏ ومالٌ مُتْلَدٌ‏.‏ وقال‏:‏

لو كان للدَّهْر مالٌ كان مُتْلِدَهُ *** لكان للدَّهر صَخْرٌ مالَ قُِنْيانِ

والتَّليدُ‏:‏ ما اشتريْتَه صغيراً فَنَبَتَ عِندَك‏.‏ والأَتْلادُ قومٌ من العرب‏.‏

‏(‏تلع‏)‏

التاء واللام والعين أصلٌ واحد، وهو الامتداد والطُّول صُعُداً‏.‏ يقال‏:‏ أتْلَعَتِ الظّبْيةُ إذا سَمَتْ بِجِيدِها‏.‏ قال‏:‏

ذكرتُكِ لمّا أتْلَعَتْ من كِناسِها *** وذِكْرُكِ سَبَّاتٍ إليَّ عجيبُ

وجيد تَلِيعٌ، أي طويل‏.‏ قال الأعشى‏:‏

يومَ تُبْدِي لنا قُتَيلةُ عَن جِيـ *** دٍ تَليعٍ تَزِينُهُ الأطواقُ

والأتلع‏:‏ الطّويل العُنُق‏.‏ ويقال تَتَالعَ في مِشْيته إذا مَدَّ عنُقَه‏.‏ولزِمَ فلانٌ مَكانَه فما تتلَّع، إذا لم يُرِدِ البَرَاح‏.‏ قال أبو ذؤيب‏:‏

فَوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رابئِ الـ *** ضُّرَبَاءِ خَلْفَ النَّجمِ لا يَتَتَلَّعُ

ومُتَالِعٌ‏:‏ جبل‏.‏ ويقال إنّ التَّلِعَ الكثير التلفت حَوْلَه‏.‏

ومن الباب تَلَعَ النهار وأتْلَعَ، إذا انْبَسط‏.‏ قال‏:‏

كأَنّهم في الآلِ إذْ تَلَعَ الضُّحَى *** سُفُنٌ تَعُومُ قد أُلْبِسَتْ أَجلالا

فأمّا قولهم هو تَلِعٌ إلى الشرِّ، فممكنٌ أن يكونَ من هذا؛ لأنّه يستشرفُ للشرّ أبداً‏.‏ وممكنٌ أن تكون اللامُ مبدلةً من الراء، وهو التَّرِع، وقد مضى ذِكره‏.‏ والتَّلعة‏:‏ أرض مرتفعة غليظة، وربما كانت عريضة، يتردّد فيها السّيل ثمّ يدفع منها إلى تلعة أسفلَ منها‏.‏ وهي مَكْرَمة من المنابت‏.‏ قال النابغة‏:‏

عفا حُسُمٌ من فَرْتَنَا فالفَوَارِعُ *** فجَنْبا أَريكٍ فالتِّلاعُ الدَّوافِعُ

‏(‏تلف‏)‏

التاء واللام والفاء كلمةٌ واحدةٌ، وهو ذَهابُ الشيءِ‏.‏ يقال تَلِفَ يَتْلَفُ تَلَفاً‏.‏ وأرضٌ مَتْلَفَة، والجمع متالِف‏.‏

‏(‏تلم‏)‏

التاء واللام والميم ليس بأصلٍ، ولا فيه كلام صحيحٌ ولا فصيح‏.‏ قال ابنُ دريد في التَّلام إنه التَّلاميذ‏.‏ وأنشد‏:‏

* كالحماليج بأيدي التَّلامْ *

وفي الكتاب المنسوب إلى الخليل‏:‏ التَّلَم مَشَقُّ الكِراب بلغة أهل اليمن‏.‏ وذكر في التَّلام نحواً مما ذكره ابنُ دريد‏.‏ وما في ذلك شيءٌ يُعوَّلُ عليه‏.‏ وذلك أنّ التلميذ ليس من كلام العرب‏.‏

‏(‏تله‏)‏

التاء واللام والهاء ليس أصلاً في نفسه، وذلك أنهم يقولون تَلِه إذا تحيَّرَ، ثم يقولون إن التاء بدلٌ من الواو‏.‏ وقالوا‏:‏ التَّلَه بدلٌ من التَّلف، وهو ذاك، وينشدون‏:‏

* بهِ تَمَطَّتْ غَوْلَ كُلِّ مَتْلَهِ *

والصحيح ما رواه أبو عبيد‏:‏ ‏"‏كلَّ مِيلَهِ‏"‏ قال‏:‏ وهي البِلادُ التي تُوَلِّهُ الإنسان‏.‏ والوالِهُ‏:‏ المتحيِّر‏.‏